نُشرت في 17 أبريل 2016
رواية تقوم علي قصة أصحاب الكهف. وقد درس مؤلفها القصة درساً محيطاً، ثم أسلم جوهرها إلي خيال موفق وفكر مستقيم وذوق سليم. فصور من كل أولئك موضوعاً روائياً طريفاً كساه الأسلوب السهل الفصيح حلة رائعة.
في رواية أهل الكهف أشخاص تستشف من حوارهم طبائع نفوسهم وخبايا ضمائرهم وأسرار خلائقهم. وفي أهل الكهف مايريك الدين إيماناً يملاً الصدر، وما يريكه موهناً تلينه عواطف اليأس وتدافعه زينة الحياة وشهواتها. وفي الرواية تحليل للعواطف في هدأتها وتحليل للعواطف في ثورتها. وفي أسلوبها أحياناً ثوب من السخرية يرمي في لطف إلي مرمي بعيد.
وفيها حب – إذا كان لا بد للناس من حب، وإن لبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعاً.
كان مشلينيا الوزير يحب بريسكا متبناه دقيانوس قبل ان يرقد في الكهف قروناً.
فلما أحياه الله وذهب إلي قصر الملك وجد يريسكا أخري هي بنت صاحب القصر فحسبها حبيبته. وأمر مشلينيا وبريسكا من أقوي حوادث الرواية وأروعها وأدلها علي مهارة الكاتب في تصوير مواقف الحب تصويراً يكشف بعض المعاني كشفاً صريحاً بليغاً، ويومئ إلي بعض المعاني إيماءاً رقيقاً بليغاً. يذهب هذا الحب القوي الشقي إلي أسمي مراتب الحب وينتهي إلي أنبل نهاياته من الجود بالنفس في سبيله عن سكينه ورضا.
وقصة أهل الكهف من خير ما عرف القصص العربي وليست تحتاج إلي عناء لتكون رواية تمثيلية قلما ظفر بمثلها المسرح المصري.
وإذا كان هذا الأثر باكورة الثمرات بقلم الأستاذ / توفيق الحكيم، فهي نفحة النبوغ تتفتق أكمامه عن زهره. وإن كان للأستاذ آثار من قبلها فهذه آية نضجه واكتمال مواهبه.
والمؤلف الذي يفر من مجد إحسانه، بما في طبعه من حياء النبل والتواضع جدير بأن يحفز في سبيل المجد والإحسان من كل معنيّ بنهضة الأدب.
بيد أن العبقرية تشق سبيها إلي الكمال والنمجاح علي كل حال.
مصطفي عبد الرازق، 1933
أهل الكهف، مكتبة مصر، 1988