تحركت جماعة الفن والحرية من القاهرة-28 شارع المدابغ- سنة 1940 رداً علي النازية الثقافية في أوروبا. فعلت الشئ الذي يفعله المثقفون أفضل من غيره و الذي نملكه الآن بضغطات أزرار، أصدرت مجلة اسمها التطور، ضمت الجماعة والمجلة أسماء كبيرة سنمحصها كثيراً، بجانب أنور كامل رئيس التحرير وصاحب امتياز المجلة، كان هناك جورج حنين، علي كامل، رمسيس يونان، كامل التلمساني، وألبير قصيري.
أنهت رقابة المطبوعات التجربة بعد سبعة أعداد بعد اعتراض الجهات المعروفة -أولها الأزهر- أي أن الموضوع كله لم يتجاوز سنة 1940 ذاتها، تصور هذا، أن تغرق كل هذا الغرق في التحرير بالدم سنة واحدة من عمرك ثم ينتهي الأمر في نفس السنة قبل نهايتها، كيف سيبدو ذلك في كشف حساب ختام السنة.
عاش أعضاء الجماعة حيوات كاملة وذاقوا من كل شئ. اما هذه فقط فهي افتتاحية المجلة بقلم رئيس تحريرها أنور كامل.
محرر المدونة
نحن نؤمن بالتطور الدائم والتغير المستمر.
نحن نقاوم الأساطير والخرافات ونكافح القيم المتوارثة التي وضُعت لاستغلال قوي الفرد في حياته المادية الروحية.
نحن نعتقد أن المجتمع المصري بحالته الراهنة مجتمع مريض فاقد للإتزان. فمقاييسه الخلقية مختلة. وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية مختلة. وأثر هذا الاختلال نراه واضحاً في أعراض الانحلال المتفشية في عناصر القوة فيه. فالشباب المتعلم من جهة يقضي وقته في الأحلام المريضة نتيجة لما يعانيه من كبت لميوله ونزعاته وسواد الشعب من جهة أخري يعيش في أشنع حالات الفقر والبؤس والمرض نتيجة لانعدام روح العدالة في النظم التي يخضع لها.
ونحن بإصدار هذه المجلة نمهد للحوافز الكامنة في نفسية هذا الجيل طريقاً يخلق في جو المجتمع الذي نعيش فيه طوراً جديداً من أطوار الصراع الفكري وحركة حرة تقاوم الخرافات والأساطير وتكافح القيم المتوارثة التي وضعت لاستغلال قوي الأفراد في حياتهم المادية والروحية.
لقد كان لابد لهذا المجتمع ان تنشأ فيه حركة فكرية جديدة كالحركة التي ندعو إليها. ونحن وإن كنا لم نقدم للناس برنامجاً معيناً لحل مشاكله المختلفة فقد مهدنا للطلعية المتوثبة من أبناء هذا الجيل مكاناً صالحاً تلتقي فيه أفكارهم الحرة ونزعاتهم الإصلاحية لتنمو وتنضج وتهيئ أسباب التطور لهذه البلاد.
أنور كامل
رئيس التحرير وصاحب الامتياز
من العدد الأول مجلة التطور-يناير 1940